الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

دى اول مرة اكتب فيها فانشر مدونة علاء عبد الفتاح الاخيرة

بقالي تلات سنين بقضي العيد بعيد عن الأهل بسبب الغربة، كان بيعدي كأنه يوم عادي نروح الشغل الصبح و نروح متأخر. لولا مكالمة يتيمة نعيد فيها ممكن مناخدش بالنا أنه عيد أصلا.
كنت عامل حسابي على العيد ده، أول عيد نقضيه مع الأهل بعد رجوعنا، بس العسكر قرروا أن مش من حقنا نفرح. قضيت العيد في الزنزانة و أهلي قضوه في طابور زيارة دام نهار العيد كله عشان في الآخر يدخل عينة منهم فقط زيارة لدقائق معدودة بحضور عدد مخبرين ضعف عدد الأهل.
ما بين الاطمئنان على أمي اللي بدأت اضراب عن الطعام للافراج عني و ما بين توتر الحرمان من تبادل الجوابات مع منال راحت دقائق الزيارة و عدى أول يوم العيد.
الموظفين و الشوايشة و بتوع المباحث لازم يعيدوا و ده معناه السجن يشتغل بنص طاقته. يبقى أقفل الزنازين بقى أربع أيام متواصلة لا فسحة و لا زيارات و لا جرائد و لا أكل من بره و لا أي حاجة أنت عايز المجرمين تعيد لا سمح الله؟
لولا تويتاتكم اللي وصلت في صورة برقيات تهنئة بالعيد ما كنت حسيت أن بره فيه عيد من أصله. شكرا لكل اللي تعب نفسه و شكرا لأصحاب الفكرة.
عدى العيد و راح خلاص، و جاي بقى دور عيد ميلادي، عيد ميلادي بقى بقالي أربع سنين بحتفل بيه بعيد عن العائلة. بس المرة دي كان مفروض مرة خاصة جدا، عيد ميلادي الثلاثين، أول إدراكي و اعترافي أني دخلت عالم الكبار بلا رجعة. قبل ولادة خالد بأيام. في يوم 18 نوفمبر يوم عودتنا للتحرير. كنت ناوي أحتفل مع رفاق الثورة في الميدان و مع الأهل بالليل. و طبعا لأنه يوم جمعة لا هينفع يجي فيه زيارة ولا حتى هيتفتح لينا الباب.
يالا بقى ابقوا احتفلولي في الميدان، لما بتوصلني أخبار تضامنكم معايا بتبقى اللحظات الوحيدة اللي بفرح فيها. من المظاهرات قدام سجن الاستئناف (اللي للأسف محستش بيها لأني كنت محبوس في الناحية التانية بس سمعت بيها من باقي المساجين)، للمظاهرات ضد المحاكمات العسكرية اللي بطول و عرض البلد من الأقصر للأسكندرية، و كمان في أوكلاند و سان فرانسيسكو اللي زرتهم زيارة قصيرة بس دخلوا قلبي بعد ما حضرت اعتصاماتهم و اجتماعاتهم.
طيب العيد و عدى، و عيد ميلادي و هيعدي اتعودت اقضيهم بعيد عن الأهل. لكن ولادة خالد، ابني البكري هفوتها إزاي؟ هستحمل إزاي مبقاش جنب منال في الوقت ده؟ هستحمل إزاي استنى الأخبار و أعرف هما بخير ولا لأ؟ هستحمل إزاي مشوفش وشه؟ مشوفش وش أمه لما تشوف وشه؟ و هستحمل إزاي ابص في وشه لما أطلع و أنا وعدته أنه هيتولد حر؟ سميناه خالد وفاء لجزء من دين كبير مديونين بيه لخالد سعيد. و بدل ما نحبس اللي قتلوه نتحبس إحنا؟

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

ودى مقدمة يسرى فودة بعد مارجع عجبتنى

"باقٍ من الزمن أسبوعان على أول انتخابات في مصر بعد الثورة. ثورة؟! أين كنّا وإلى أين انتهينا؟ إلى نفقٍ في عيونِ كثيرين يُنذِرُ أكثر مِمّا يَعِد.

طيب الله أوقاتكم. هذه ليست دعوة إلى التشاؤم. فمصير مصر في أيدي شعب مصر لأول مرة من زمن بعيد. لكنها ببساطة دعوة للخروج من حالة الإنكار إلى حالة من مواجهة الواقع. سيكون الأمر مؤلماً لكن ما عداه في الواقع أكثر ألماً وأكثر خطورة. من أُمّة بأكملها لا تزال منذ الثامن والعشرين من يناير تُحارب في أَمنِها وفي قوتها لأنها ببساطة رفعت رأسَها بعد ذُل. إلى رقم قياسي في انتهاك حقوق الإنسان و في محاكمات عسكرية فاق عددها في شهور قليلة عدد مثيلها في عهدي مبارك والسادات مجتمعين. إلى وثيقة تدعو في عيون البعض إلى خلق دولةٍ داخلَ الدولة، إلى انتخابات لا تَعِدُ بهيئتها هذه بالكثير إن لم تعد بالخطير، إلى أقليات تعيش في خوف و تنام في ذعر، إلى حكومة عاجزة حتى عن تقديم استقالتها، إلى فشل ذريع في التعامل مع بَطنِ بلدٍ فُتِحَت من أسوان إلى دمياط و من السلوم إلى رفح. هذه ليست دعوة إلى التشاؤم فمصير مصر في أيدي شعب مصر. لكن هذه هي مصر اليوم. وهذه دعوة تَشُدّ رؤوساً من تحت الرمال.